الاثنين، 26 سبتمبر 2011

المسرحية الماسخة


المسرحية الماسخة ؟؟

كتبهاsalah eldin salah ، في 26 سبتمبر 2011 الساعة: 14:34 م



  من ذا الذى يحاسب رئيسا إذا أخطأ…

الكاتب



Mon, 26/09/2011 - 08:00 
اختطف الموت عبدالناصر بغتة، حسابه عند ربه، وقتلت الجماعات الإسلامية السادات بغتة، حسابه عند ربه، مبارك فقط لا قُبض عليه ولا قُتل، خلعه الشعب، وقبل أن يحاسبه ربه يوم الدين، يحاسبه شعبه، وإنها لكبيرة فى تاريخ المصريين. لو لم تنجز ثورة 25 يناير سوى مشهد مبارك فى القفص لكفاها بين ثورات العالمين، وانقلاب فى تاريخ المصريين، الفرعون فى القفص، ليس قفصا من ذهب، قفص من حديد، ثورة 25 يناير أنهت الهالة الفرعونية التى كان عليها حكامنا الأولون، كانوا لايحاسبون، من ذا الذى يحاسب رئيسا إذا أخطأ، كانوا فى غيهم يعمهون، يفسدون ثم يتجهزون للآخرة بآنيات من ذهب وفضة، ويذهبون فى مراكب الشمس تصعد رويدا رويدا إلى السماء محفوفة بدعاء الفلاحين فى الحقول، أن ارحم يا رب العالمين، وتبتلات الكهنة إنك عفو كريم.
هلك عنى سلطانى، المرة الأولى فى تاريخ المصريين أن يُحاكم الحاكم وهو على قيد الحياة، أن تزول عنه الألوهية والقداسة والترفع عن الحساب، حتى الملك فاروق خرج دون حساب، دون محاكمة على ما جنت يداه، كل حكام مصر من مينا إلى السادات حسابهم كان علويا، عند ربهم، عند الديّان الذى لايغفل ولاينام، إلا مبارك، محاكمة مبارك نقطة ومن أول السطر، لا فرعون بعد اليوم، زالت دولة الفراعين، رؤساء مصر بعد اليوم ليسوا أنصاف آلهة، بل عاديون يمشون فى الأسواق ويأكلون على الأرض، ويصيبون ويخطئون، ويحق عليهم الحساب.
ألق تلك الثورة فى تنزيل الفرعون من عرشه، من عليائه، من كرسى حكمه إلى القفص، الفرعون كان يحاكم فقط أمام العرش فى رواية نجيب محفوظ، الآن الفرعون يحاكم فى محكمة الجنايات، ودفوع واتهامات وقرائن وشهود إثبات، كل هذا حدث، تلك هى الثورة على التاريخ الفرعونى، ثورة على 7 آلاف سنة من القداسة والحكم الإلهى، الفرعون كان نصف إله، من الآلهة اكتسب السمع والطاعة، ومن البشر البنين والبنات، لكنه لايحاسب، من يحاسب الفرعون، من يحكم على الفرعون، الفرعون فى القفص ينادى عليه فيجيب «موجود يا أفندم»، متى كان الفرعون ينادى فيجيب، ومتى كان الفرعون يستجيب، ومتى كان الفرعون يجيب من كان بشرا ولو استوى على المنصة العالية فيعلو مقامه الفرعون، ويجيبه الفرعون «أفندم»، فى إذعان لم يعرفه الفرعون ولم يذقه الفرعون ولم يألفه شعب الفرعون، نفر من الشعب لا يدرك المعنى الكامن فى ثورة 25 يناير.
لو لم يكن لثورة 25 يناير سوى تنزيل الفرعون، تجليس الفرعون على البرش حتى لو كان سريرا معقما فى مركز طبى عالمى، الفرعون صار بشرا سويا، انظروا للتاريخ المصرى، شاهدوا لوحات الفراعين، اقرأوا روايات نجيب محفوظ، لم يحدث قط أن مثُل الفرعون أمام شعبه، كان يُمثّل على شعبه، يقدم ما دونه للمحاكمة لكن ذاته العليا لاتحاكم، أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون، ما كنا مبصرين، ما كنا مصدقين، أحدهم لا يصدق حتى الآن أن مبارك فى القفص، شُبّه لهم، ثورة 25 يناير أسكنته القفص، هدمت عرش الفرعون.
ولو اختطف الثورة غربان الشوم على الشجر، فما تبقى منها كثير، لا فرعون بعد اليوم، تلك هى العبارة، تلك هى القصة، تلك هى القضية، هذا هو المتن، ما دون ذلك حواش فليحكم من يحكم، وليتول الأمر من يصلح، لكنه ليس فرعونا، صار بشرا، ليس من الآلهة فى شىء، يُحاسب، يُراجع، يُحاكم، يُخلع، يتنحى، صار سابقا، كان الرئيس قدرا، وإذا حمّ القضاء اختطفه الموت، قدرا أو غيلة، لم نمكّن من الرئيس، لم نمسك بالرئيس، كان يتصعد إلى السماء قتلا أو قضاء وقدرا، حسابه عند ربه، ونطوى الأيام كطىّ السجل للكتب، ونعود سيرتنا الأولى ويحكمنا الفرعون، ويفسد فى الأرض، ولا نملك له ضرا ولا نفعا، ويدور الفلك، ويتجلى رئيس فرعون جديد، ألا أيها الليل الطويل ألا انجل! (من معلقة امرئ القيس).

حتى لا تكون رئيس حكومة «الثورة المضادة» يا د.شرف

الكاتب



Mon, 26/09/2011 - 08:00

هذا سؤال واضح وصريح ومُحدد للدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء: هل جرى اختطافك من على أعناق الثوار وجموع الشعب يوم الجمعة المشهورة التى ذهبت فيها إلى التحرير قبل أدائك اليمين كرئيس حكومة الثورة ارتضته جموع الشعب، بعد أن توسمت فيه خيراً وكفاءة؟! أغلب الظن أن هذا قد حدث بالفعل، وأن الخاطفين هم قوى الثورة الأخرى المضادة الذين يتوهمون أنهم باقون وسيعودون فى يوم قريب أقوى وأشرس وأخس مما كانوا، بل سيردون الاعتبار للقراصنة اللصوص ورجال العصابات الذين حكموا البلاد وأكثروا فيها الفساد طوال عقود من القهر والاستعباد.. إنهم يحلمون بعودة سلطانهم وسطوتهم واستغلالهم التى أسبغها عليهم أسيادهم من شياطين الإنس الذين اقتلعهم الثوار من على عروشهم ورموا بهم داخل السجون. لقد اختطفك هؤلاء يا د.شرف وأكاد ألمحهم يستعدون لحملك على أعناقهم ليطوفوا بك ميادين حى مصر الجديدة ومسجد مصطفى محمود وهم يهتفون «آسفين ياريس»!

أرجوا ألا تغضب يا د. شرف من هذا الكلام، فأنا أسمعه بصوت عال فى كل مكان أذهب إليه، يلخصه السؤال الدارج هذه الأيام: «ماذاً فعلت لنا وبنا الثورة؟!» أليس هذا نجاحاً لقوى الثورة المضادة؟ ألا تعرف ماذا يحدث لشعبك هذه الأيام من إذلال وإفقار وامتهان لم يصادفوا مثيلا له من قبل، وكيف تنام قرير العين وتظن أن الأمور ستصلح نفسها بنفسها بقدر غريب من التخاذل والتجاهل والاستسلام لأفكار ثبت أنها فى صالح القِلة وضد مصلحة الأغلبية من الشعب المصرى؟ هلا نزلت إلى الأسواق- التى يبدو أنك لم تذهب إليها منذ تناولت إفطارك فى محل الفول والطعمية- وسألت عما حدث لأسعار السلع الغذائية الأساسية التى لاغنى لأى بيت عنها خلال الأشهر القليلة الماضية؟
 هل تعلم ماهو شعور الأب الذى لا يستطيع شراء مُستلزمات عمل ساندويتشات لأطفاله وهم ذاهبون للمدرسة أو ثمن كوب من اللبن لهم فى ظل رواتب حكومتك الخائبة، وتستنكرون بعد ذلك إضراباتهم واعتصاماتهم التى أطلقتم عليها مطالب فئوية؟! هل تطلب تقريراً يومياً عن متوسط أسعار الأرز والسكر والزيت والفول والبيض واللبن والجُبن والخضراوات والفواكه والدواجن واللحوم، مع مقارنة ذلك بما كان فى ظل النظام الفاسد الظالم السابق- والذى كان أحد أسباب قيام الثورة- على الرغم من أنه كان أقل بكثير مما هو الآن؟!
لعمرى أنك ستُذهل عندما تجد أن معاناة الناس مع توالى شهور توليك السلطة أصبحت أكثر، وتبرمهم وضيقهم أشد، وأتعجب كيف لرجل يتولى منصباً سياسياً رفيعاً مثلك لا يدرك حتى الآن أموراً واضحة وضوح الشمس فى عز النهار! إن قوى «الثورة المضادة»، وعلى رأسها غالبية من يُسمون أنفسهم «رجال أعمال» هم ليسوا أكثر من تجار محتكرين وسماسرة مستوردين يتحكمون فى أسعار السوق كما يريدون فى ظل الغياب التام للدولة وانسحاقها أمامهم، وهم يقومون بكل الحيل القذرة لرفع الأسعار وتعطيش الأسواق حتى يزداد تبرم الناس ونقمتهم على الثورة والثوار، وعندما تجوع البطون تتوه العقول كما يٌقال.
سيدى رئيس الوزراء.. إذا لم يكن لديكم ولا لأحد من نوابك ووزرائك القدرة على فهم ما تواجهه الثورة المصرية العظيمة من مؤامرات، والقدرة على إبداع الحلول وابتكار الأفكار الجديدة، فاتركوا أماكنكم لمن هو مؤهل لذلك قبل أن تغرق المركب بكل من عليها.. ما هذه الوزارة التى ورثتها وكانت من بنات أفكار مليونيرات أمانة السياسات المُسماة «وزارة التضامن الاجتماعى» التى كُلِفت بمهام ثلاث وزارات أساسية ولكنها لم تكن لها قيمة فى نظرهم، حيث إنها وزارات تتعامل مع ملفات الغلابة؟! لماذا لا تُعيد منصب «وزير التموين» وتختار لهذا المنصب أحد الشرفاء المخلصين الذين يشعرون بمعاناة المواطن المصرى، فقيراً كان أو متوسط الحال؟
 لماذا لا تصدر الحكومة قوانين صارمة بتسعيرة جبرية لكل السلع مع تخفيض هامش الربح للتجار والوسطاء ومنع الاحتكار والأمر بتثبيت الأسعار لمدة عام بصفة مبدئية، والضرب بيدٍ من حديد على كل من يتجاوز هذه الأسعار صغيراً كان أو كبيراً، مع تقوية ومُساندة وتعظيم شرطة التموين وتوسيع سلطاتها؟ هل مازلت مقتنعاً بكلام أولئك المرجفين والمتآمرين وأصحاب المصالح وعملائهم فى بعض وسائل الإعلام عن حرية السوق والعرض والطلب وغير ذلك من الكلام الفارغ الذى يرددونه كالببغاوات منقولا عن نُظم وشعوب وتجارب لا تمت إلينا بأى صلة ولا تأخذ فى اعتبارها ظروف المرحلة الحالية؟ هل كل المطلوب منك أن تصرح بأنك أيضاً تعانى من ارتفاع الأسعار وأن ترسل فى الهواء كلمات لا قيمة حقيقية لها مثل تفعيل أجهزة ضبط الأسواق والتى لا يفهم أحد فى مصر ماذا تعنى بها وأين هى وماذا فعلت؟
كيف تقف مكتوف الأيدى هكذا أمام أزمات البنزين والنقل والمواصلات وقطع وانسداد الطرق وكلها مُدبرة بإحكام من أعوان وبلطجية النظام الساقط، ويفضحها الذين يتحججون بما يسمونه «الانفلات الأمنى»، الذى يعرف القاصى والدانى أن من يرعاه ويقف وراءه هم رجال المجرم حبيب العادلى، الذين لم تتطهر منهم وزارة داخليتك. تُخيفنى وتُرعبنى طيبتك ووداعتك يا د.شرف فى هذه الأيام التى تتطلب نوعية مختلفة من الرجال الذين يؤمنون بحق أن مافعله شعب مصر العظيم هو ثورة بكل ما تحتويه هذه الكلمة من معنى التغيير الجذرى الحاسم والكامل والذى لا يساوم، اعتماداً على شرعيتها التى تجُب أى شىء آخر..
ولست أدرى لماذا يأتينى هذه الأيام فى نومى كابوس يتكرر كثيراً أراك فيه على شاشات التلفاز بوجهك السمح الطيب وأنت تقول: «إحنا آسفين ياريس»، ثم تلتفت إلى فقراء شعبك الذين حملوك على الأعناق يوماً ما وتقول لهم بنبرة حادة: «من أنتم؟» !! والله الموفق والمستعان.. كما قال عمنا عمر سليمان!
قتلوا الشهداء مرتين

الكاتب


 

Mon, 26/09/2011 - 08:05

تخدعنا عناوين الصحف هذه الأيام وهى توحى لنا بأن الشغل الشاغل للناس هو ما إذا كانت حالة الطوارئ قانونية أم غير قانونية، أو ما إذا كانت الانتخابات ستجرى بالفردى أم بالقائمة، أو ما إذا كان قانون الغدر لايزال فى أدراج الحكومة أم أنه راح إلى المجلس العسكرى.. أجزم لكم بأن هذا كله رغم ما له من أهمية لا يعدو أن يكون حديث نخبة، أما الناس فمشغولون فى المبدأ والمنتهى بأن يكونوا آمنين على أرواحهم وممتلكاتهم.. الأمن بالنسبة لهم هو القضية، هو الحلم، لكنه حلم بعيد التحقيق لسبب مثير للعجب والأسى، أن المسؤولين عن الأمن أنفسهم هم العقبة الأولى أمام إرساء الأمن.
فى هذا الشهر حدثت أربع وقائع مشينة استنفدت آخر حبال صبرنا مع وزارة الداخلية.. فى السويس كانت الواقعة الأولى.. تقول جريدة «الشروق» إن محافظة السويس شهدت حالة من الغضب بسبب ما قامت به وزارة الداخلية خلال جلسة محاكمة المتهمين بقتل ثوار السويس عندما قدمت صحيفة حالة جنائية تبين أن معظم الشهداء كانوا مسجلين خطراً، لكن النيابة أكدت أن هذه الصحيفة مزورة بواسطة رئيس مباحث قسم السويس المتهم فى القضية.. ونشرت الجريدة صورة من أحد المحاضر والتحريات المزورة التى قدمها الضباط، وأشارت إلى أن النيابة أكدت أن الضحايا هم شرفاء من شهداء الثورة قدموا حياتهم من أجل الوطن.. خلاصة هذه الواقعة التى لابد أنها تكررت فى أماكن أخرى غير السويس أن وزارة الداخلية تزور فى أوراق رسمية، والأنكى من ذلك أن التزوير تم بقصد تصوير شهداء الثورة على أنهم مسجلون خطراً، وبذلك تكون الشرطة التى قتلتهم فى حالة دفاع عن النفس ضد مجرمين، وتعفى من العقاب، أى أنها تقتل الشهداء مرتين.
الواقعة الثانية كانت فى بنى سويف، ونشرتها «المصرى اليوم».. تقول الجريدة إن محامى أسر شهداء مركز ببا فجَّر مفاجأة خلال جلسة محاكمة 12 متهماً بقتلهم، على رأسهم مدير أمن بنى سويف السابق، فقد أكد المحامى أن وزارة الداخلية أصدرت شيكاً بـ120 ألف جنيه لـ4 مصابين مقابل تنازلهم وتصالحهم وعدولهم عن أقوالهم التى أدلوا بها فى النيابة.. ونشرت «المصرى اليوم» صورة هذا الشيك.. والتقط الإعلامى البارز يسرى فودة الخيط فى برنامجه فى «أون. تى. فى» فاستضاف المحامى وواحداً من المصابين روى تفاصيل الوعيد والتهديد الذى تعرض له من جانب الشرطة حتى يتنازل، أما المحامى فقد نبهنا إلى أن الشيك من موازنة الدولة، وليس من جيب الضباط المتهمين، وأنه يعتبر دليلاً أكيداً على إدانتهم.. خلاصة الخبر واضحة، تؤدى إلى نفس ما استخلصناه من الواقعة السابقة، أن وزارة الداخلية تحاول فى بنى سويف، ومن المؤكد أنها تحاول فى غيرها أيضاً، أن تطمس معالم الجريمة، وأنها تستخدم فى ذلك أموالاً من جيوب دافعى الضرائب، أى من جيب الشعب الذى سقط منه مئات الشهداء فى الثورة، أى أنها تزور فى قضية الضحايا بفلوس الضحايا أنفسهم، وتقتلهم بذلك مرتين.
أما الواقعة الثالثة فكان مسرحها محكمة الرئيس المخلوع، حيث أدلى ثلاثة من كبار المسؤولين بشهاداتهم.. وبالرغم من أن الجلسات كانت سرية إلا أننا يمكن أن نستنتج مما سبق أن قالوه فى مناسبات مختلفة، أنهم نفوا علمهم بأن هناك قناصة من الشرطة شاركوا فى قتل الثوار.. هذا ما قاله وزير الداخلية الحالى ووزيرها السابق فى تصريحات متعددة للصحف. أما عمر سليمان فكان قد قال من قبل فى تحقيقات النيابة إن عناصر إجرامية وافدة من الخارج هى التى أطلقت النار على المتظاهرين.. المفاجأة أن «المصرى اليوم» خرجت علينا إثر ذلك تكذب هؤلاء المسؤولين الكبار جميعاً فى تحقيق استقصائى كان عنوانه «وزارة الداخلية استخدمت قناصة لقتل الثوار»، دعمته بالصور والوثائق وتسجيلات الفيديو، التى لم يكذبها أى مصدر رسمى.. إذن فالشرطة - عكس كل ما قيل - هى التى قنصت الشهداء، ووزيرها إما أنه يدارى أو أنه لا يدرى.. وفى كلتا الحالتين فهو يقتل الشهداء مرتين، مرة بالنار ومرة بالتزوير أو بالإهمال.
نأتى أخيراً إلى الواقعة الرابعة، التى حدثت يوم جمعة تصحيح المسار، عندما حاصر المتظاهرون وزارة الداخلية، فبالرغم من أن أحداً منهم لم يقتحم أسوارها إلا أن حريقاً نشب فى مبنى الأدلة الجنائية الملحق بمبنى الوزارة. وقالت بعض الصحف إنها محاولة من وزارة الداخلية لإلصاق التهمة بالمتظاهرين للتدليل على وجود أعمال شغب من جانبهم، إلا أن الأمر أكثر تعقيداً من ذلك، إذ إنها ليست أول مرة يندلع فيها حريق فى هذا المبنى بالذات، فقد سبق أن تعرض للحريق يوم 23 فبراير، وتعرضت مبان أخرى فى الوزارة للحريق فى أوقات مختلفة، منها الحريق الذى اشتعل فى مبنى الإدارة العامة لاتصالات الشرطة المواجه لمبنى الوزارة الرئيسى فى شهر مارس.. لماذا تتكرر الحرائق فى محيط مبنى وزارة الداخلية؟ ولماذا تتكرر بالذات فى مقر الأدلة الجنائية؟ ومن الفاعل بالتحديد؟ وما هى الأدلة التى اختفت بالضبط؟ تلك هى الأسئلة التى تنتظر الإجابة.. ومهما كانت الإجابة فهى لابد ترجح أن همَّ الداخلية الأكبر الآن، بل طوال الشهور الثمانية الماضية، هو طمس معالم جرائم الشرطة القديمة وليس بناء شرطة جديدة.
إذا كانت الداخلية تريد بناء شرطة جديدة فهى تستطيع.. يوم العيد أرادت أن تقدم لنا استعراضاً فى الكفاءة ونجحت، ويوم الألتراس قدمت لنا استعراض قوة ونجحت أيضاً، ويوم اجتياح السفارة الإسرائيلية أثبتت لنا أيضاً أنها قادرة على الضرب بيد من حديد.. هى قادرة إذن أن توفر الأمن للشعب وتحميه من البلطجية وقطاع الطرق الذين تعرفهم جيداً، وقادرة على القبض على المجرمين ببراعة مشهودة على نحو ما حدث بعد مقتل الشهيد النقيب حازم محمود، وبعد الاعتداء على مأمور قسم بولاق.
الشرطة مؤهلة للعودة من جديد ليس فقط لأنه لايزال بها عديد من الضباط الشرفاء الذين افتدى بعضهم الشعب بدمه، ولكن أيضاً لأن معظم قواتها عادت إلى الخدمة، وعلى ما نعلم فإنها استعادت إلى حد كبير تسليحها، والجيش زودها بالمركبات التى تلزمها، وغالبية مبانيها فى حالة صالحة للعمل رغم ما لحق بها من أضرار.. ومع ذلك فالشرطة لا تعمل - دعونا نواجه الحقيقة - لأن قيادات مهمة ورتباً أدنى فيها لاتزال موالية لـ«العادلى» و«مبارك»، منهم من أدوا لهما التحية وهما أمام العدالة، ومنهم من اعتدى على أهالى الشهداء فى ساحة المحكمة، ومنهم من عنَّف الشاهد التاسع وتهجم عليه لأنه شهد ضد «أسياده».. الشرطة لا تعمل لأنها، رغم جهود مخلصة متناثرة، لاتزال فى صلبها هى شرطة القمع الفاسدة التى لم تتغير عقيدتها ولم يتغير منهجها وأسلوبها، ولأنها تريد للفوضى أن تستمر حتى يترحم الناس على أيام «مبارك» و«العادلى» ويقبّلوا يديها حتى تعود.
هذه المسرحية الماسخة لابد لها من نهاية، لأننا سئمنا، هرمنا، ونحن فى انتظار أن تتحمل الحكومة ويتحمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة مسؤوليتهما فى إعادة الأمن التى تسبق أى مسؤولية أخرى، وهى مسؤولية أهم من الاستفتاء أو إصدار الإعلان الدستورى أو تشريع قوانين الانتخابات أو حتى إجراء الانتخابات ذاتها، وأهم من أى إنجاز آخر.. أمن الشعب يسبق هذا كله، ويتيح هذا كله.. وقد فشلت السلطة فى تحقيق هذا الأمن، وأخفق فى إنجازه وزير الداخلية.. ورغم ذلك فهو لايزال يردد كلمته المأثورة: «الاستقالة لاتزال فى جيبى».. فهمنا يا سيادة الوزير.. الاستقالة لاتزال فى جيبك، لكن المفجع أن الرصاص لايزال فى صدورنا.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق