الخميس، 13 أكتوبر 2011



 

مصطفى عمار يكتب : ارتباك

9/13/2011   1:25 PM
ارتباك

 
أنا واحد من الناس الذين يشعرون بعد مرور ثمانية أشهر كاملة أن مصر بهذا المعدل ستحقق أهداف ثورتها خلال100عام
أعلم يقيناً أن الثورة سُرقت وقُتلت وذُبحت  ولكنهم يخشون إعلان وفاتها رسمياً، ولكن عاجلاً أو آجلاً سيتم إعلان الخبر
حالي كحال كثيرين غيري يعانون ارتباكاً حاداً، لا يعرفون مصدره بقدر ما يشعرون أنه نتيجة عكسية لأوضاع كانوا يأملون أن تختفي أعقاب ثورة يناير، ولكنها للأسف لم تختف بل زادت، وبالمناسبة هذه الأوضاع ليست اقتصادية ولكنها أغلب الظن معنوية، فأنا واحد من الناس الذين يشعرون بعد مرور ثمانية أشهر كاملة أن مصر بهذا المعدل ستحقق أهداف ثورتها خلال     عام، خصوصاً ونحن نسير نحوها بخطي سلحفاة مشلولة وكفيفة  اعتقدت بعد الثورة أن الصحافة والإعلام سيتطهران من أذناب النظام ومفسديه، لكن للأسف الأمر كما هو، المهنة لم يحدث فيها أي جديد، اختفت بعض الوجوه العابثة، ليظهر غيرها أكثر وأفظع فهلوة،  أصبح العثور علي مقال جيد أو صحيفة نقية أشبه بالبحث عن فتاة بكر وسط منزل شهير للدعارة  حتي الفضائيات سواء الجديدة أو القديمة تم اختراقها وتخللتها وجوه تثير اشمئزاز الصغير قبل الكبير، وبعد أن انتظر الجميع وجوهاً إعلامية شارقة، صُدمنا بأن نفس الوجوه تطاردنا ولكن بعد تبديل وش الولاء التام بوش الثورجية، وما التعب في هذا إذا كان الأمر لن يكلفهم سوي دقائق لتركيب الوش الجديد؟ لا أصدق نفسي عندما أشاهد أحد الصحفيين المعروفين بولائهم لجهاز أمن الدولة السابق وهو يتحدث عن الثورة ويناضل أمام الكاميرات كأنه حفيد مصطفي كامل أو ابن شقيق محمد فريد، أو هذا الصحفي الذي كان يسبح بحمد النظام في مقالاته والآن يهتك عرضه ويشهر به طمعاً في استمراره علي كرسي رئاسة التحرير، ما يحبطني ويربكني أن النماذج السلبية أصبحت أكثر بكثير من النماذج المشرفة التي تحاول الثبات علي المبدأ، وسط زملاء مهنة لا يهمهم سوي الثبات علي المبلغ ، وإذا كان هذا حال الصحافة والإعلام فالأمر لا يختلف كثيراً في حال الفن وأهله، فما كان يقدم قبل الثورة هو ما يتم تقديمه بعد الثورة، أقسم بالله أنني شعرت أثناء متابعة نهاية مسلسلات رمضان أن الثورة قامت من أجل استخدامها كنهاية لهذه المسلسلات فقط، الثورة قامت ليقدم محمد سعد فيلمه الجديد  تك تك بوم  وليحقق سعد الصغير ودينا أعلي إيراد يومي في تاريخ السينما المصرية بفيلمهما  شارع الهرم ، ونفس الشيء ينطبق علي عالم كرة القدم، الناس في مصر أكلوا من القمامة، والأهلي والزمالك ينفقان ملايين الجنيهات علي لاعبي كرة قدم، كان حلمهم في يوم من الأيام مشاهدة العشرة آلاف جنيه وجهاً لوجه حتي ولو صدفة، وفي النهاية تشاهد مباريات ماسخة نتيجتها معروفة مقدماً فوز الأهلي بالتحكيم أو بفلوس وكالة الأهرام أو حتي بفساد نادي الزمالك الذي أصبح حصوله علي بطولة أشبه بامرأة طاعنة في السن تحلم بالإنجاب  والأمر لا يختلف كثيرا داخل القطاعات المصرفية والبترولية والحكومية التي أستقبل عن فسادها مئات الإيميلات أسبوعياً من العاملين بها يستنجدون بالصحافة وهم لا يعلمون أن الصحافة تبحث عمن تستنجد به 
أعلم أن هناك من يطالبني بالهدوء لأن كل ما نعانيه الآن شيء طبيعي، خصوصاً أننا عانينا كما يرددون من ثلاثة عقود مشبعة بالفساد، وأننا لن نقضي علي فساد ثلاثين عاماً في ثمانية أشهر، ولكنني لا أقتنع بهذا الكلام، وأعلم يقيناً أن الثورة سُرقت وقُتلت وذُبحت  ولكنهم يخشون إعلان وفاتها رسمياً، ولكن عاجلاً أو آجلاً سيتم إعلان الخبر إما بعد تشكيل مجلسي الشعب والشوري أو حتي بعد إعلان فوز المرشح الرئاسي الذي لن يخرج بأي حال من الأحوال عن شخص من أذناب النظام القديم  وليس أمامك وأمامي سوي الانتظار لعل الله يصلح حال هذا البلد أو يهده ليبنيه غيري وغيرك علي نظافة ومبادئ وأسس سليمة لا تعطي الفرصة بعدها للسوس العفن أن ينخر أركانها ويعبث بها   والآن لا تتردد في فرش الصحيفة لتأكل عليها أو أن تلمع بها زجاجك يمكن تكون الصحافة اتخلقت علشان كده ونحن لا نعلم  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق