الجمعة، 28 أكتوبر 2011




النقاب

كتبهاsalah eldin salah ، في 28 أكتوبر 2011 الساعة: 22:28 م

لكم دينكم ولى دين

الكاتب

  


Fri, 28/10/2011 - 08

أخذ علىَّ الأخ صفوت حجازى أننى وصفت الاتجاه السلفى فى لقاء لى مع أحد البرامج التليفزيونية بأنه «متخلف»، وما فهمته من عتابه المهذب هو أن السلفية، لأنها تعنى الاقتداء بالسلف الصالح، فهى لا يمكن نظرياً أن توصف بالتخلف، وهذا صحيح رغم أنه لم يقله، لكننى قلت لنفسى إن الاقتداء بالسلف الصالح لا يمكن فى حد ذاته أن يكون تخلفاً، بل إن المقارنة بين ما كان فى السالف وما هو كائن الآن تشير بوضوح إلى أننا نحن المتخلفون، لذلك قبلت عتابه وقلت له لك هذا.لكن دعونا نقارن بين سلوك الرسول وخلفائه من أسلافنا الصالحين وسلوك من يدعون انتسابهم إليهم، وليقل لى أحد مَنْ من الخلفاء الراشدين قطع أذن شخص لأنه مسيحى، أو هدم كنيسة لأن منظر الصليب ينفره، أو سكب ماء النار على امرأة لأنها لا تغطى وجهها بذلك النقاب الأسود الذى انتشر هذه الأيام بشكل لم يسبق له مثيل؟.. وليقل لى أحد مَنْ من صحب الرسول أو خلفائه أفتى بأن صوت المرأة عورة، أو أن الغناء الذى استقبل به الرسول فى المدينة حرام؟ ومن منهم هدم أضرحة أولياء الله الصالحين وحرَّم تعليم المرأة أو عملها؟لقد كتبت إلى سيدة تقول إنها لن تعطى صوتها فى الانتخابات لمن يعتبره عورة، وكتب إلى آخرون يشكون من انتشار النقاب قائلين إنهم لم يعودوا يعرفون إن كان من تحت ذلك النقاب الأسود رجل أو امرأة، ولقد وصل الأمر إلى أن بعض هؤلاء البشر الذين يغطون وجوههم بالسواد قد رشحوا أنفسهم فى الانتخابات، والمطلوب الآن من الناخبين أن يختاروا شخصاً لا يعرفونه كى يمثلهم فى البرلمان، فهل يعقل أن ينتخب الناس من لا يعرفون؟!قد يدهش بعض هؤلاء الذين يسمون أنفسهم «السلفيين» أن يعلموا أن النقاب لا ينتسب لسلف صالح ولا طالح، وأن من اتبعوه هم اليهود، فعند اليهود المتزمتين - تزمت السلفيين عندنا - المرأة عورة، ودعاؤهم كل صباح للرب يتضمن الشكر على أنه لم يخلقهم نساء، كما أن شعر المرأة يجب ألا يظهر، وفى أقوالهم إن كشف شعر رأس المرأة ككشف شعر منطقة أعضائها التناسلية (!!).لذلك فإن إسرائيل هى أكبر دولة تستهلك باروكات الشعر بالنسبة لتعدادها، فالكثير من النساء الإسرائيليات يغطين شعرهن بالباروكة.وفى بداية عصر اليهودية لم يكن يسمح للمومسات والجوارى بأن يغطين شعرهن حتى لا يتم الخلط بينهن وبين السيدات الفضليات(!!)، ومن الغريب أن ذلك كله لا ذكر له فى التوراة وإنما النص على غطاء الرأس للمرأة كان فى الميدراش وفى التلمود الذى يتبرأ منه اليهود، لكن التوراة لم تفرض على نساء اليهود الحجاب ولا النقاب..إنه التعصب الأعمى الذى أصبحنا نشهده عندنا الآن كما شهدته إسرائيل منذ بداية إنشائها.ومثل التوراة فإن القرآن الكريم لم يحض على تغطية وجه المرأة.. وللكاتبة إقبال بركة كتابات كثيرة تؤكد فيها بالدراسة أن القرآن لم يلزم النساء حتى بالحجاب، والمؤكد تاريخياً هو أن العرب عند ظهور الإسلام لم يعرفوا ذلك النقاب الأسود، وإنما دخلت تلك الأسدال السوداء حياة المسلمين بعد هجرتهم إلى المدينة المنورة واختلاطهم بيهود يثرب.وتقول الدراسات التاريخية إن أول ظهور للنقاب كان فى مملكة بين النهرين حين أصدر أحد ملوك أشوريا - دجلة فالازار الأول - قانونا يحرم ظهور المرأة سافرة الوجه، ولقد سبق قانون «فالازار» الإسلام بـ17 قرنا، أما فى الإسلام وقت السلف الصالح فقد كانت المرأة دائماً جنباً إلى جنب مع الرجل فى كل المناسبات حتى فى الحروب..فمن هو إذن ذلك السلف الصالح الذى يتبعونه فى فرض النقاب على المرأة؟ أهو مملكة أشوريا الوثنية أم يهود يثرب؟ ومن هو ذلك السلف الصالح الذى حطم الأضرحة وقطع الآذان وهدم الكنائس وادعى أن صوت المرأة عورة؟!إن هؤلاء المتعصبين، الذين لا يمكن أن يوصفوا إلا بالتخلف، ليسوا سلفيين فى شىء، بل إن السلفيين الحقيقيين هم من اتبعوا الإسلام فى عقيدته السمحة، وآمنوا بالله وبرحمته الواسعة واحترموا حرية الاختيار التى كرستها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ونصت عليها دساتير الدول المتقدمة ولخصها الإسلام فى آية واحدة على لسان رسوله العظيم الحكيم النبيل: «لكم دينكم ولى دين».
أضف الى مفضلتك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق