الخميس، 13 أكتوبر 2011

دولة تحتضر


كتبهاsalah

مشارف التهلكة

الكاتب



Thu, 13/10/2011 - 08:00

ما تراه أمامك من تشرذم وأخطاء وصراعات ليس إلا إرهاصات السقوط، فحين يتأجج الصراع الدينى بين طوائف الدين الواحد، من ناحية، والديانات المختلفة من ناحية أخرى، تكون النتيجة الحتمية هى سقوط الوطن فى نهر من الدماء. وحين تتمسك كل جماعة بتحقيق مكاسب خاصة، حتى لو كانت على حساب المجتمع كله، يتحلل المجتمع. وحين تتوه الوقائع، وينشط المتاجرون بجراح الوطن، يتخبط الناس، ويخطفون حقوقهم بطرق غير مشروعة، فواقعة «الأحد الحزين» كشفت عن أننا أمام وطن مهلهل وحكومة تائهة.
 فى أسوان كان السلفيون يهددون «الدولة» فى حالة إقالة المحافظ، وكأنهم يحكموننا بالفعل، ومع أن الإقالة إن حدثت فلن تكون نتاجا لضغوط الأقباط، إنما نتاج لفشل المحافظ فى احتواء مشكلة «دار عبادة» أو حتى «دار ضيافة تابعة لدار عبادة» أو حتى «دار عبادة» بنيت بالمخالفة للقانون، فهذا الفشل يستوجب الإقالة العاجلة، ولو أن هذا يحدث، فلن نجد مواطنا واحداً يشعر بالغبن. السلفيون الذين هددوا، والمسيحيون الذين طالبوا بإقالة المحافظ تصرفوا نيابة عن الدولة، حين شعروا أنها «دولة تحتضر».
وإذا ما تابعت يوم «الأحد الحزين» وشاهدت الفيديوهات المنتشرة على الفضائيات أو الإنترنت، ستجد أن هناك من خطط ودبر لكى تقع الواقعة وتتلطخ أرصفة الشوارع بالدماء. ففى هذه الفيديوهات هناك مندسون ومحرضون رشقوا المسيرة بالحجارة ثم عادوا ليهتفوا «إيد واحدة»، وهناك جندى أنزل من عربة وقادها غيره، وهناك عربة جيش داست فى طريقها عربات جيش أصغر حجما، وهناك مدرعة تحركت بجنون ودهست العديد من المواطنين. إذن هناك من تلاعب وهناك من أخطأ، والذين تلاعبوا وحرضوا أفلتوا أو سيفلتون من العقاب.
الأقباط عندهم مشاكل كبيرة، وبعضها مزمن ومتراكم منذ سنوات طويلة، لكنها مشكلات مجتمع بجميع طوائفه، فالنوبيون لديهم مطالب ومواجع كثيرة عولجت بطريقة خاطئة، وظلت كنتوء بارز وموجع حتى هذا الوقت. أيضا أهل سيناء، والبدو عموما، لديهم الكثير من المشكلات الكبيرة والخطيرة، التى ظلت فى أدراج النسيان، ثم الصعايدة الذين يتعاملون على أنهم فى وادٍ، والدولة فى واد آخر. هذه الأزمات التى يشترك فيها الناس جميعا، التى تحولت عند بعض الفئات إلى نوع من المهانة، كانت أحد أهم أسباب قيام الثورة، لكن المطالبة بعلاج كل المطالب فى وقت واحد يعنى عدم علاجها.
 ولا يمكن حل مشكلات الأقباط بمعزل عن حل مشكلات المجتمع المصرى، ويستحيل حل كل القضايا فى هذا التوقيت الحرج، رغم أننى أتساءل دائما: ماذا لو أن المسيحيين شيدوا مئات الكنائس التى تزيد على حاجتهم؟ هل ستضيق الأرض على المسلمين؟ هل سيتراجع عدد المساجد، أم ستقل أعداد المسلمين، أم سيتخلى المسلمون عن إسلامهم؟ من المؤكد أن أيا من هذا لن يحدث، فالمسلمون يتوسعون فى بناء المساجد أكثر كثيرا من بناء المدارس والمعامل والمصانع والمستشفيات، ومع هذا يتخلون عن أعظم ما فى الإسلام.. يذهبون إلى المساجد أكثر كثيرا من ذهابهم إلى العمل. وكذلك المسيحيون شيدوا الكنائس وتخلوا عن أنبل ما فى المسيح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق